إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
258116 مشاهدة print word pdf
line-top
مقدمة مؤلف منار السبيل: ابن ضويان رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الذي شرحَ صدرَ من شاء من عباده للفقه في الدين، ووفَّق لاتِّباع آثار السلف الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ندَّ ولا معين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ فهذا شرحٌ على كتاب: (دليل الطالب لنيل المطالب) الذي ألفه: الشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي تغمده الله برحمته، وأباحه بحبوحة جنته، ذكرت فيه ما حضرني من الدليل والتعليل، ليكون وافيا بالغرض من غير تطويل، وزدتُ في بعض الأبواب مسائل يحتاج إليها النبيل، وربما ذكرت رواية ثانية أو وجهًا ثانيا لقوّة الدليل، نقلته من كتاب (الكافي) لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي.
ومن شرح (المقنع الكبير) لشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة وغالب نقلي من مختصره، ومن (فروع) ابن مفلح و(قواعد) ابن رجب وغيرها من الكتب.
وقد أفرغتُ في جمعه طاقتي وجهدي، وبذلت فيه فكري وقصدي، ولم يكن في ظني أن أتعرض لذلك، لعلمي بالعجز عن الخوض في تلك المسالك، فما كان فيه من صواب فمن الله، أو خطأ فمني، وأسأله -سبحانه- العفو عني.
ولما تكففته من أبواب العلماء وتطفلت به على موائد الفقهاء تمثلت بقول بعض الفضلاء:
أسيرُ خلفَ رِكاب النُّجب ذا عرجٍ مـؤمِّلا كشـف ما لاقيتُ من عِوَج
فإن لحقتُ بهم من بعد ما سَبقوا فكم لربِّ الـورى في ذاك من فرج
وإن بقيتُ بظهــر الأرض منقطعـا فما على عـرجٍ فـي ذاك مـن حـرج

وإنما علّقته لنفسي، ولمن فَهْمُه قاصرٌ كفهمي، عسى أن يكون تذكرة في الحياة، وذخيرة بعد الممات، وسميته: (منار السبيل في شرح الدليل).
أسأل الله العظيم أن يجعله لوجهه خالصا، وإليه مقربا، وأن يغفر لي ويرحمني والمسلمين، إنه غفور رحيم.

line-bottom